( طائر القطا ) :
إن هذا الطائر يقيم في
البراري والقفار , وهو شديد الطيران يبعد الى مسافاتٍ
شاسعة في طلب الغذاء والماء
, والعرب قديماً أحبوه وأكثروا من ذكره في أقوالهم
وأشعارهم , ووصفوا جثومه على بيضه
في عشه , نهوضه من مجثمه , ووصفوا سراه
ليلاً , ووروده الماء , وسيره اليها متدافعاً
وصدوره عنها , وعقدوا لوصفه المجالس
والمباريات , وقد حكمت في إحداها الشاعرة ليلي
الأخيلية وضربوا بصفاته
الأمثال, وجعلوا تركه المنام ليلاً على مزعجات الليالي ,
وجعلوه شريك المحب
في حبه , والغريب
النازح في غربته ورحلته , وقد رأى قيس بن الملوح
( مجنون ليلى ) سرباً منه وهاجت شجونه
وقال :
بكيتُ على سرب القطا إذ
مررن بي فقلتٌ ومثلي بالبٌكاء جدير
أسرب القطا هل من مُعير
جناحـــه لعلي الى من قد هويت أطير
وأي قطاة لم تعرني
جناحهــــــــا فعاشت بضير والجناحُ كسير
وإلا فمن هذا يؤدي
تحيــــــــــة فأشكره إن المحب شكـــــور
والعرب تصف القطا بحسن
المشي لتقارب خطاها , وتشبه مشي النساء
وقد وصف ذلك الشاعر كميت بن معروف الأسدي
قال:
يمشين مشي القطا البطاح
تأؤداً قب البطون رواجح الأكفالِ
وإذا أردن زيادةً
فكأنمــــــا ينقلن أرجلهن من
أوحــــالِ
وقد جاء في أبيات
منسوبة لهند بنت عتبه قالت :
نحن بنات طارق .. نمشي
على النمارق .. مشي القطا النواتق (1)
فطائر القطا أربع أنواع
منه ( الكدري) : ذو البطن الأسود والظهر الأرقش
الأشهب , ومنه ضرب يدعى الجوني يكون
بحجم الحجل والقطا
من فصيلة الحمام وهو يشبه الحجل بلونه ومشيه
( الحُر ) : وهو غير
حُر الصيد بطن القطاة منه بني فاتح وظهرها بني مرقط
, ( المطوق ) : وهو مخطط بخطوط
هلالية الشكل بعضها سوداء أو رمادية
أو كستناء , ( الصياح ) : ويطلق عليه القطقاط
يصيح قطا قطا وهو يشبه الحجل
في لونه غير أن لون بطنه بني , وهو كثير في الباديه
يهاجر بالملايين
وفي سنين المحل يتخذ البدو بيوضه غذاء
وترى الصبيان يطوفون في
البراري والآكام (2) لجمع بيضه , وكثيراً ما ترى الآكام
وقد حط على القطا , وهي
تكاد تحجب الشمس
وتسمع صوت أجنحتها فوق رأسك كأزيز الطائرات , والقطا تبيض مرة في
السنة بيضتين وقد تبيض ثلاث
لون بيضها أبيض يميل للصفرة
وعليها بقع صغيرة بنية اللون ولطخاتٍ رمادية كبيرة
قليلاً والقطا
ولوعة بشرب الماء وإذا
لم تجده في البادية تهاجر هي وفراخها الى موارد الماء حيث
ترد أسراباً أسراباً
وطريقة صيد القطا هي : يحفر الصيادون
حفرة عند مصب الأودية
أو الغدران بحيث يكون قطر الحفرة متر
وعمقها نصف متر ثم
يبنون عليها حائطاً من الحجارة في إرتفاع نصف متر يسد
من ثقوبها بالطين عدا 3-4
ثقوب في كل جهة يتركونها ليسددون بنادقهم منها
نحو القطا حين ورود الماء ويرتدي
بعض الصيادين ألبسة مموهه غبراء أو مائلة
للصفراء للتخفي عن القطا المارة .
(1)
: النواتق : كثيرات الولادة من النساء
(2)
: الآكام : رؤؤس التلال المرتفعة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق